إثر إنتفاضة 17 ديسمبر 2010 التي قدم خلالها شعبنا قوافل من الشهداء و الجرحى والمعتقلين والتي تجذرت شعاراتها إلى غاية
شعار إسقاط نظام العمالة شعرت الإمبريالية العالمية بالخطر المحدق بمصالحها والناجم عن أخذ الإنتفاضة العفوية لشعبنا مسارا ثوريا فلجأت إلى تدبير إنقلاب 14 جانفي 2011 لامتصاص غضب الجماهير وتهويل عملية تهريب بعض رموز السلطة على أنه نتيجة لقوة "الثورة" وتجسيد النظام ككل في الأفراد المهربين لإعادة تمتين أسسهم ودعمها . غير أن الإنتفاضة إمتدت إلى ما بعد الإنقلاب وطالبت بتفعيل إسقاط نظام العمالة عبر حل مؤسساته و القضاء على منظومته إعدادا لإرساء نظام جديد يمرّ عبر مجلس تأسيسسي منتخب . فدخل الإنقلابيون مدعومين بقوى الردة والإلتفاف المنتظمة في إطار ما يسمى بالمعارضة على خط مطالب الجماهير راكبين على شعار المجلس التأسيسي في إطار مسرحية متقنة الإخراج لإسقاط النظام الذي لخص في حل التجمـع و تفريخـه إلى تجمعـات وحّدت كل الوجوه القذرة القديمة والجديدة وسوّقت لها تأشيرات قانونية مررت بين تأشيرات الإلتفافيين من المعارضة الكرتونية والخشنة وبقيت دار لقمان على حالها عدى تلك الخدائع المتمثلة في حركات نقل للمفسدين حتى يتم إقرارهم فردا فردا مراهنين على عامل الزمن لزعزعة عزيمة الجماهير ومدها الثوري وقبل أيام قليلة من مؤامرة إنتخابات المجلس الإلتفافي نجد أنفسنا أمام محطة هامة من تاريخ شعبنا : ذكرى مجزرة الجلاء 15 أكتوبر 1961 التي سقط أثناءها آلاف الشهداء عدى الجرحى .ولا بد من وضع هذه الذكرى في سياقها التاريخي الحقيقي إذ بإنتهاء الحرب العالمية الثانية وإنهيار قوة الإقتصاد الإمبريالي مع تنامي حركات التحرر الوطني في المستعمرات لجأت الإمبريالية إلى تغيير خططها الإستعمارية فحركت بيادقها الداخليين للعب دور الوسيط بين القطب الإمبريالي والمستعمرات . وفوّض حزب الدستور في تونس بقيادة العميل بورقيبة للقيام بهذا الدور القذر ورتبت الخطة الإستعمارية في تونس بإعداد مشروع الإستعمار الجديد المقدّم بإسم الإستقلال" الذاتي" ثم " التام" وبدأت المجزرة بتكوين عصابات اليد الحمراء لتصفية كل نفس وطني يدعو إلى مقاومة الإستعمار وإفشال مشروع العملاء الدساترة بقيادة العميل بورقيبة الذي هربوه "إلى برج البوف" قصد حمايته وبعد إمضاء إتفاقية الإستعمار الجديد المسوّق بإسم الإستقلال في 20 مارس 1956 بقيت بنزرت ترزح تحت الإستعمار المباشر وبقي الفلاقة مرابطين بالجبال رافضين مؤامرة العملاء.وفي هذا الخضم تم تنظيم المؤامرة الكبرى بتخطيط من الإستعمار الفرنسي ونفذت في إطار مسرحية بفصلين يتولى الدساترة العملاء في الفصل الأول إبراز أنفسهم بالوطنيين الغيورين على إستقلال كل شير من تراب الوطن وتسويق رفض المستعمر الفرنسي الجلاء عن مدينة بنزرت لجرّ الفلاقة المرابطين بالجبال وكل الوطنيين الصادقين إلى معركة ظاهرها تحرير بنزرت من الإستعمار وحقيقتها جرّ كل أعداء الإستعمار الحقيقين إلى ميدان لا يعرفونه عزّل من السلاح عدى بنادق صيد قد لا تصيب طيرا والإلقاء بهم في أرضية مكشوفة ومنبسطة أما قوات عسكرية فرنسية مدججة بكل أنواع الأسلحة الثقيلة من طائرات ودبابات ومدفعية ورشاشات ثقيلة . فيتم ّ سحق أبناء شعبنا في لحظات معدودة ويتمّ ردمهم على حاشية الطريق بجرافات المستعمر . وبعد هذه المجزرة الشنيعة يخرج المستعمر عسكريا و يعوّضه الدساترة البورقيبيون لمواصلة تسيير مصالحه الإستعمارية بعد أن يبيّضوا وجوههـم بشـرف" خـوض" " معركــة الجـلاء" .وأي جلاء غير تخليص العملاء من كل الوطنيين المعادين لهم و لأسيادهم الإستعماريين .وفي هذه الذكرى الأأليمة لا يسعنا إلا أن نشدّ على أيادي شهداء وجرحى مؤامرة الجلاء ومن سبقهم من شهداء اليد الحمراء ومن لحقهم من شهداء وجرحى ومعذبيـن علـى إمتـداد الفترات اللاحقة وخاصة في 1968 و1972 و1978 و1984 وأخيـرا إنتفاضـة الحوض المنجمي وإنتفاضة 17 ديسمبر 2010 و نعلنهـا مدويّـة، أنتم لم تموتوا فبذور العزّة والكرامة زرعتموها في أجسادنا لتواصل مشواركم وسنتصدى بإسمكم لكل العملاء و السماسرة ولكل مؤامراتهم وإنقلاباتهم ومسرحياتهم وما وقوفنا اليوم ضد إنتخابات المجلس التأسيسي المهزلة إلا رفض لتشريع تسلط سفاكي دمائكم الذين لن يمرّوا إلا على أجسادنا وإن استشهدنا فستزرع بذورا في أجساد رفاقنا من بعدنا حلى إسقاط النظام العميل والقضاء على الإستغلال والإضطهاد . صلاح الدين الكشك . منقول
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire